قال المخرج الألماني الأفغاني برهان قرباني إنه يرغب في توضيح التنوع في الإسلام وبين المسلمين من خلال فيلمه شهادة المشارك في مسابقة مهرجان برلين السينمائي الدولي، موضحا أن الفيلم يعرض أيضا صراع الهوية لدى مسلمي الغرب.
وقال قرباني على هامش المهرجان: "من الواضح أن الجميع عندهم صورة معينة في الذهن، وهي أن مظهر المسلم مرتبط باللحية والحجاب وشكله عربي أو تركي".
وأكد مخرج "شهادة" أن الحضارة الإسلامية تتسم بتباين شديد، وقال إن هذا هو السبب الذي دفعه للاستعانة بممثل تركي وآخر مسلم من نيجيريا ليكون داكن البشرة.
وأضاف المخرج المولود في ألمانيا لأسرة أفغانية لاجئة "أنا شخصيا نموذج حي على هذا التنوع، فقد وُلدت هنا وشكلي مثل الصينيين، ولذلك فالناس دائما يصنفونني بشكل يختلف عن حقيقتي، ويصابون بالدهشة البالغة عندما أقول لهم إني أفغاني، وتتضاعف هذه الدهشة عندما أقول إني مسلم".
ويُسلط برهان قرباني الضوء على الصعوبات التي يواجهها المسلمون الشبان الذين يعيشون في الغرب في فيلمه الروائي الأول "شهادة" Shahada الذي تدور أحداثه في مدينة برلين مُتعددة الثقافات.
ثلاثة شبان
ويتناول الفيلم الذي نال الإعجاب عند عرضه في مهرجان برلين السينمائي القصصَ المتشابكة لثلاثة شبان مسلمين وُلدوا في ألمانيا يكافحون من أجل التوفيق بين ديانة عائلاتهم وتقاليدها من جهة، ونمط الحياة الغربي العصري من جهة أخرى.
وقال قرباني المولود في ألمانيا لأبوين أفغانيين: "دافعي هو أن يشاهد الجمهور الفيلم، وأن يربطوه بهذا الدين الذي يُحيط بهم في كل مكان.. أرجو أن يدفع الفيلم الجمهورَ إلى الحديث والنقاش".
والشعور بالذنب هو الموضوع الرئيسي في الفيلم، فسامي شاب مُمزق بين دينه وانجذابه نحو زميل له في العمل، وإسماعيل ضابط شرطة من أصل تركي لا يستطيع أن يتغلب على قلقه الناجم عن إطلاقه النارَ على ليلى المهاجرة بطريقة غير شرعية وقتل طفلها الذي لم يولد.
بينما تشعر مريم بالذنب بسبب إجهاضها حملها، مما يدفعها نحو الإسلام المتزمت على رغم نشأتها في جو من التدين المعتدل.
وقال قرباني: "بسبب نشأتي كمسلم يعيش في مجتمع غربي اتخذت أحيانا قرارات فيما يتعلق بأسلوب الحياة.. جعلتني أشعر بالذنب لأنني لم أكن مسلما صالحا".
واستطرد قائلا: "استطعت في النهاية أن أتعامل مع عقدة الذنب هذه، وأدركت أنه يمكنني أن أمارس إيماني بطريقتي.. وهذا أيضا هو ما يتناوله الفيلم".
فيلم "شهادة" يأتي في إطار موجة حديثة من الأفلام الألمانية التي نالت إعجاب النقاد، وتتحدى الصور النمطية الثقافية، وتستكشف الصعوبات التي يُواجهها ما يعرف بالجيل الثاني لمجتمعات المهاجرين.
وفي عام 2004 كان فيلم "الصدام Head-On" للمخرج الألماني من أصل تركي فاتح أكين أول فيلم ألماني يفوز بجائزة في مهرجان برلين السينمائي في 18 عاما.
الفيلم يتناول قصة امرأة ألمانية من أصل تركي تهرب من وطنها الذي تتحكم فيه تقاليد إسلامية صارمة.
وقالت مريم زاري الممثلة الإيرانية المولد التي تلعب دور مريم في فيلم "شهادة" إن الفيلم يكشف أن ألمانيا مجتمع مؤلف من أناس ينتمون لأصول وديانات مختلفة.
وقالت: "نحتاج إلى أن نتخلص من النظر إلى هؤلاء الناس كأناس مختلفين ويخشون من الآخر المختلف عنهم، وأن يدركوا أنهم أيضا جزء من هذا المجتمع".
ومضت تقول: "جميع المشاركين في هذا الفيلم لهم جذور من بلدان مختلفة، ولكننا جميعا ألمان على الرغم من هذا".